والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين ..
أما بعد .. فإن الإسلام اليوم بوصفه منهجاً للحياة يمر بمنحدرات حادة ، ومنزلقات خطرة ، لا تخفى على كثيرين ، فما بين عدو خارجي يمثل شريعة وملّة لا تريد خيراً بالإسلام أو بأهله ، وما بين جاهل داخلي لا يفقه من الإسلام إلا رسمه فنجده يعبث في تفسير النصوص المقدسة ، ليصل إلى المعاني التي تتلاءم مع هواه ، ويستقي الأحكام من منابع ملوثة ومشبوهة ، فيبث سمومه في عقول النشء بعد أن يلبسها رداء التقوى والإيمان ، وليس ببعيد عنا تلك الجماعات ( الإسلامية ) – على اختلاف توجهاتها – التي ملأت الأرض رعباً بأحكامها الدموية ، وسلوكياتها اللا إنسانية ، مدعية إحياء الشريعة الإسلامية على نهج سيد الخلق ( ص ) ، وهو براء منهم ، فأبدلوا ( الرحمة ) بالقسوة ، و ( النعمة ) بالنقمة ، و ( جادلهم بالتي هي أحسن ) بـ ( قاتلهم حتى يسلموا ) ، و ( لا إكراه في الدين ) بالإجبار على الدين ، فصار الناس من ديننا ينفرون ، وبأحكامنا يستهزئون ، ولمقدساتنا يسيئون .
نحن اليوم أحوج ما نكون إلى توحيد الكلمة وكلمة التوحيد ، نحن اليوم مدعوون إلى إحياء نظرية ( استدعاء النص القرآني ) لقراءته وفق معطيات المرحلة الحالية ، وظروفها الآنية ، لا بد من تحطيم جدران التشويه التي أحاطت بشريعتنا الإسلامية ، فجعلتها مقيدة بأفكار لا تمت إلى الحياة بصلة ، نحن اليوم مدعوون إلى قبول الآخر من أي ملة كان ، مستندين بذلك على قوله تعالى : (( إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )(البقرة /62)
يتحتم علينا جميعاً أن نؤمن بالمشتركات الإنسانية في مجتمعاتنا ، على أن لا نتخلى عن ثوابتنا الدينية ، بعد أن نستقيها من منابعها الأصيلة ، لكي نخلق جيلاً متصالحاً مع نفسه ، بعيداً عن الأزمات والصراعات ، مؤمنا بالله تعالى والثوابت العقائدية ، ملتزماً بالتعاليم الدينية ، متقبلاً للآخر ، محبّاً للحياة ، محارباً للفساد ، قال تعالى : (( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ )) ( القصص / 77 ) .
ولعل المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الجامعيين من أساتيذ وطلبة علم ، لما يمثلونه من شريحة واعية ، وثقافة عالية ، لها القدرة على الوقوف بوجه الشبهات لتردها من جهة ، والانحرافات لتصححها من جهة أخرى ، وكلنا ثقة وأمل بالجيل الواعد بأن يتحمل مسؤوليته في تصحيح المسار ، والسير على الطريق المعبدة التي خطها لنا رسول الإنسانية محمد المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وال بيته الكرام ( عليهم السلام ) ، وأصحابه الأخيار ( رضي الله عنهم )
والحمد لله رب العالمين
Contact Us
We're not around right now. But you can send us an email and we'll get back to you, asap.